أخبار محلية

“صور التكايا” في الضفة المحتلة.. ملاذ الفقراء في شهر الخير

تعد “التكية الخيرية” في بلدة قباطية جنوب جنين شمال الضفة الغربية، أحدث التكايا في فلسطين، حيث انطلق العمل بها في خامس أيام شهر رمضان الحالي، بمبادرة من بلدية قباطية وبعض الهيئات الخيرية والميسورين من أبنائها، وتقدم الطعام للمحتاجين يوماً بعد يوم، وسط آمال من أن تتمكن من تقديمه يومياً، نظرا لازدياد أعداد الفقراء في البلدة ومحيطها.

ويقول المسؤول عن التكية محمد كميل لـ “فلسطين الآن”: إن “حالة الطوارئ ألقت بظلالها على مئات العائلات التي فقدت عملها، فكان لا بد من التخفيف عنها في هذه الأيام الفضيلة التي يتضاعف فيها الأجر والثواب، بمساعدتها على توفير وجبة الإفطار ساخنة وصحية، من دون المساس بكرامتها، إذ تصل الوجبات إلى بيوت مستحقيها بعيداً عن الإعلام والتصوير”.

وتنتج التكية نحو 600 وجبة إفطار ساخنة، يتولى طباخون إعدادها وشبان متطوعون إيصالها إلى العائلات المستورة، بحسب كميل. ويشير إلى أنّه “تم إطلاق موقع خاص لتسجيل الراغبين في الاستفادة من التكية، إضافة إلى التواصل مع أشخاص ثقة في الأحياء السكنية في البلدة لتسجيل الحالات التي لا تتمكن من استخدام الإنترنت لتسجيل اسمها، وسط سرية مطلقة”.

ولاقى إطلاق التكية في قباطية ترحيباً كبيراً من المواطنين الذين يتسابقون للتبرع لصالحها، سواء بالمواد العينية أو المبالغ النقدية، وهو أمر اعتاد عليه الفلسطينيون متكاتفين في المحن والشدائد. تجدر الإشارة إلى أن صلاح الدين الأيوبي كان قد أنشأ تكايا بعد تحريره بيت المقدس، في كل من المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل، وذلك لإطعام المساكين والفقراء وأبناء السبيل، خصوصاً ممن جاؤوا من العلماء والمرابطين إلى فلسطين، ثم عُممت فكرة التكايا وازدادت أعدادها لاحقا.

أشهر وأقدم التكايا في فلسطين في حين، تعد تكيّة سيدنا إبراهيم الخليل، المعروفة بـ “التكية الإبراهيمية” في البلدة القديمة لمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، من أشهر وأقدم التكايا في فلسطين، ويعود عمرها إلى عام 1279، حين أنشأها السلطان قالون الصالحي في زمن صلاح الدين الأيوبي، وكان يُطلق عليها شعبياً “الطبلانية”.

قديماً، كان العاملون فيها يدقون الطبول معلنين البدء بتقديم الطعام صباحاً ومساء. وتعمل التكية على مدار العام. لكن إنتاجها يتضاعف خلال شهر رمضان، وتقدم يومياً أكثر من عشرة آلاف وجبة، ويبدأ العمل بها مع ساعات الصباح الباكر حتى تستطيع إعداد هذه الكمية الضخمة من الطعام.

ويُدرك القائمون على تكية سيدنا إبراهيم تزايد أعداد الفقراء، نظراً للظروف التي تمر بها البلاد. لذلك، كان القرار بمضاعفة العمل وزيادة أعداد الطهاة والمتطوعين.

وتبرّع الكثير من أهل الخير لإرسال كميات أكبر من الأرز واللحوم الطازجة يومياً.

ويقول مدير التكية لؤي الخطيب لـ”فلسطين الآن”: “لا أبالغ إن قلت إن ما يصلنا يفوق حاجتنا حتى نهاية الشهر وما بعده، فقوائم الانتظار للتجار الذين يريدون التبرع للتكية طويلة جداً.

لذلك، الخليل هي المدينة التي لا ينام فيها جائع، ونحن لا نرد أحداً مطلقاً، فكل من يطرق باب التكية يأخذ نصيبه وزيادة”.

ولا يبعد المبنى الحالي للتكية عن المسجد الإبراهيمي سوى بضعة أمتار فقط، لكنْ هناك حاجز وضعه الاحتلال يحول بينهما، فيما ترصد كاميرات المراقبة التي زرعها الاحتلال كل حركة في المنطقة، إلا أن ذلك لا يحول مطلقاً دون وصول المستحقين إليها.

ولاستمرارية عملها ضمن المتطلبات الصحية، يقوم فريق متخصص صباح كل يوم وقبل مباشرة العمل في التكية بتعقيمها، كما يؤكد الخطيب.

ويتابع “نحرص على اتباع إجراءات السلامة، إذ يمنع أي طاه من الدخول إلى المطبخ قبل ارتداء الكمامات والقفازات في يديه، وغطاء الرأس، والأمر ذاته ينطبق على المتطوعين الذين يعملون على تعبئة الطعام وتجهيز الوجبات وتوزيعها، أو ينظمون دخول المواطنين إلى التكية، ونقدم لهم الوجبات أولا بأول لمنع الاكتظاظ على بابها وداخلها”.

وعن أنواع الطعام التي تعدها التكية، يقول الخطيب: “هناك وجبة رئيسية في كل يوم، مثل الفول والبطاطا والبازيلاء والفاصولياء والبامية، يضاف إليها الأرز بصورة شبه يومية ومعه إما لحم الخروف أو الدجاج، وأحياناً نوزع اللبن المطبوخ أو الرائب، بحسب الحاجة”.

توزيع الحصص أما في نابلس، فلأوّل مرة منذ عقد من الزمان، تتوقّف تكية “نابلس الخيرية” التابعة للجنة زكاة نابلس المركزية في شمال الضفة الغربية، عن إعداد الطعام في شهر رمضان، مكتفية بتوزيع حصص من الأرز واللحم أو الدجاج غير المطهو على الفقراء، التزاماً بالتعليمات الوقائية لمنع تفشي وباء كورونا، في وقت تواصل فيه العديد من التكايا في مناطق مختلفة من الضفة الغربية عملها كالمعتاد في إعداد وتوزيع آلاف الوجبات الجاهزة يومياً.

ويؤكد مسؤول تكية نابلس، ماهر الرطروط، أن التكايا تعتمد على تبرعات المحسنين والميسورين في توفير مكونات الطعام ومستلزماته وحتى تحضيره، وهي باتت ملاذاً للكثير من العائلات التي فقدت القدرة على تأمين قوتها، في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وجائحة كورونا.

ويُشدّد الرطروط على أنّ إغلاق التكية لا يعني أبداً التوقّف عن مد يد العون للفقراء، وتحديداً المستفيدين من لجنة زكاة نابلس وهم بالآلاف، بل خشية الاكتظاظ بين الطباخين والمتطوعين، وما قد ينتج عنه من أضرار صحية.

ويضيف، “ولأن العمل يجب أن يكون وفق المعايير الصحية، قررنا توزيع الطعام غير مطهو، إذ تقوم العائلات بطهيه في بيوتها”.

ويشير الرطروط إلى أنّ عمل التكايا هام للغاية لمساعدة الأسر الفقيرة على تخطي أزماتها، إذ “تتوفر لدينا قوائم على مستوى محافظة نابلس في مدينتها وبلداتها ومخيماتها، ويتم استهداف مناطق بعينها يومياً، ونسعى جاهدين لأن نصل إلى كل أسرة تستحق المساعدة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى