اخبار دولية

شركات الطيران المنخفضة التكلفة تمتصّ الصدمة!

تكافح شركات الطيران المنخفضة التكلفة من أجل البقاء، في ظل تراجع حركة الطيران في العالم، لكنها ــــ بحسب تقرير، نشرته صحيفة لوفيغارو الفرنسية ــــ امتصّت الصدمة التي نجمت عن وباء «كورونا»، بشكل أفضل بكثير من شركات الطيران التقليدية. ففي أوروبا على سبيل المثال، تمكّنت الشركة الهنغارية ويز إير للطيران، التي تأسّست في 2003 من تجاوز أعنف أزمة ضربت قطاع الطيران بأقل الخسائر، رغم أنها خسرت بين شهرَي أبريل ومايو الماضيين 57 مليون يورو، وتواجه خطر التعرّض لخسائر أخرى بسبب إغلاق الحدود الهنغارية قبل بضعة أيام. يقول المدير العام جوزيف فارادي إن الشركة تمكّنت بعد انتهاء الحجر الصحي في نهاية يونيو الماضي من استغلال 70 في المئة من شبكة خطوطها، في حين لم تتمكن «الخطوط الجوية الفرنسية» من تشغيل سوى 20 في المئة من طاقتها الاعتيادية في الفترة ذاتها، كما تمكّنت «ويز إير» أيضاً خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من فتح 200 خط طيران جديد و9 قواعد جديدة، وهذا أفضل دليل على صمود شركات الطيران المنخفضة التكلفة. ويشير الخبير غزافيي تيتلمان المتخصص في النقل الجوي لدى مكتب الاستشارات سي جي أي الى أن شركات الطيران المنخفضة التكلفة عانت من خسائر ايضا، ولكنها تقاوم بشكل أفضل من شركات الطيران التقليدية. ويضيف «لقد سجلت مجموعة ريان إير الايرلندية في شهر يوليو الماضي تراجعا كبيرا لعملها بلغت نسبته 70 في المئة، لكنها نقلت 4.4 ملايين مسافر، بينما لم تنقل لوفتهانزا سوى 1.2 مليون مسافر، من جهتها سجلت شرطة الطيران الاسبانية فولوتيا مستوى نشاط قريبا جدا من المستوى الذي سجلته في 2019 أي 1.8 مليون مسافر ونسبة أشغال مرتفعة لرحلاتها بلغت 90 في المئة، وذلك في الظروف الحالية. وأما ايزي جيت، فقد انفقت سيولة أقل بلغت 754 مليون جنيه استرليني بين أبريل ويونيو بينما كان من المتوقع أن ترتفع مصاريفها الى مليار جنيه». آفاق غامضة وبينما تشير كل التوقعات إلى مستقبل قاتم للنقل الجوي مع ظهور موجة جديدة من وباء كورونا، فلا يبدو مؤكدا ان الشركات المنخفضة التكلفة ستواجه المصير ذاته، إذ لفت ريجينالد اوتن الذي يشغل منصب المدير المساعد لمجموعة ايزي جيت في فرنسا إلى تراجع الحجوزات منذ منتصف أغسطس الماضي، لكنه أشار إلى أن شركات الطيران المنخفضة التكلفة مجهزة ومسلحة بشكل أفضل لمواجهة العاصفة المستمرة مقارنة بالشركات التقليدية. لكن شركات الطيران المنخفضة التكلفة لا تكافح بأسلحة متساوية، فورثة الشركات الوطنية سابقا مثل لوفتهانزا والخطوط الجوية السنغافورية والخطوط الجوية الملكية الهولندية وغيرها تلقت مساعدات حكومية بقيمة مليار يورو، من اجل تعزيز خزينتها فيما لم تتلق شركات اخرى الكثير من المساعدات مثل ريان اير وايزي جيت وفولوتيا. ولمواجهة الوضع تلعب هذه الشركات على عوامل أخرى وفق فيليب برلان المتخصص في الطيران لدى مكتب اي أي أي، إذ يؤكد ان هذه الشركات لم تراهن فقط على الرحلات القصيرة او المتوسطة التي انخفضت اعدادها، وانما ايضا على الرحلات الطويلة هذا الصيف. ووفق اتحاد النقل الجوي، فقد تراجع عدد المسافرين عبر الخطوط الداخلية في العالم بنسبة 57.5 في المئة وبنسبة 79 في المئة عبر خطوط الطيران العاملة بين الدول الاوروبية، فيما انهار عدد المسافرين عبر الخطوط الطويلة بنسبة 91.9 في المئة. والميزة الأخرى هي أن هذه الشركات تستهدف العملاء الذين يبحثون عن الترفيه والذين استأنفوا استخدام الطيران مقارنة بالمسافرين في إطار مهمات عمل. تكيف سريع وأشار تقرير «لوفيغارو» إلى أن شركات الطيران التقليدية حاضرة أيضاً في الخطوط القصيرة والمتوسطة وتستقطب المسافرين للترفيه، لكن الشركات المنخفضة التكلفة تملك الكثير من الإمكانات التي ترجح كفتها، بينها الأسعار التي لا يمكن منافستها، لأنها تملك أساطيل بتكلفة أقل بكثير. وبحسب شركة سي جي اي الكندية للاستشارات، فإن معدل سعر التذاكر التي باعتها «رايان اير» في 2019 بلغ 54.30 يورو فيما بلغ المعدل لدى «ايزي جت» 67.30 يورو، ليرتفع الى 107.10 يورو لدى «لوفتهانزا» و114.50 يورو لدى الخطوط الملكية الهولندية. وعلى الرغم من أن الشركات الكبرى تقترح خدمات أكثر فإن الزبائن ينزعون دوماً إلى الأسعار الأقل. وتستخدم الشركات المنخفضة التكاليف كل الوسائل لتخفيض أسعارها، حيث تقتصد في كتلة الأجور وتشغل طياريها لساعات أطول مقارنة بالشركات التقليدية، إذ يصل معدل عدد ساعات عمل الطيار نحو 805 ساعات سنويا مقابل 750 ساعة كما توظف طواقم في دول تنخفض فيها نسبة الضرائب. وخلال وباء «كورونا» قامت هذه الشركات بتقليص عدد موظفيها بشكل كبير فـ «ويز اير» على سبيل المثال سرحت 1000 موظف من أصل 5 آلاف وخفضت رواتب الطيارين والمضيفين والعاملين على الأرض بنسبة 14 في المئة، فيما أعلنت «إيزي جت» تسريح 30 في المئة من موظفيها، بينما تعتزم الخطوط الجوية الفرنسية تقليص 17 في المئة فقط من موظفيها وفق خطة لإلغاء 7500 وظيفة. ويرى ديدي بريشيميي الخبير في النقل الجوي لدى مكتب الاستشارات رولان بارجي، أن شركات الطيران المنخفضة التكلفة تقترح أسعاراً رخيصة جداً لأنها تستغل الطائرة الواحدة في عدة رحلات جوية في اليوم الواحد، ولأنها تستغل نوعاً واحداً من الطائرات مثل بوينغ 737-800 بالنسبة إلى «رايان اير»، فإنها تستطيع توقيع طلبيات كبرى للطائرات وتستفيد من خصومات هائلة، كما أن الشركات المنخفضة التكلفة هي الوحيدة التي تستطيع استقطاب المسافرين من خلال حرب أسعار فـ «ريان إير» مثلا أطلقت حملة لبيع تذاكر سفر صالحة لمدة شهرين مقابل 5 يورو فقط يوم 1 سبتمبر الجاري لمدة 48 ساعة فقط باتجاه عدة مدن بينها برشلونة وميلانو.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى