أخبار محلية

الجاسوس القاتل..ما الذي يخفيه لغزة هذه المرة؟

أشبه بصوت دبور يحوم في غرفتك، هكذا بدت طائرات الاستطلاع المسيرة المعروفة بـ”الزنانة” في أجواء القطاع، هي بحذ ذاتها حصاراً جوياً يسرق النوم من أعين المواطنين، فارتفاع أزيزها يرهق الرأس بصداع لا يفارقه، فيما ينشغل العامة بالتخمين حول ما تخبئه هذه الملعونة، وتحليقها على مسافات منخفضة.

وتعد طائرات الاستطلاع بدون طيار “غرفة عمليات كاملة”، فهي مزودة بأحدث أجهزة التجسس تقدمًا وبحثاً عن الهدف المطلوب.

ويعتمد جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كبير على طائرات الاستطلاع المسيرة التي يطلق عليها الفلسطينيون “الزنانة” وتقوم بـ3 مهام أساسية هي: التصوير والتعقب، الاغتيال والتصفية الجسدية، وتوجيه الطائرات الحاملة للقاذفات

وتشكل هذه الطائرة الصغيرة -التي لا تكاد ترى بالعين المجردة- قطعة رئيسية في الترسانة العسكرية الإسرائيلية منذ استخدامها في الأراضي الفلسطينية -على نحو واسع- بعد اندلاع انتفاضة الأقصى في العام 2000، وفقا لخبراء عسكريين وأمنيين فلسطينيين.

وفي الوقت الذي يخشى فيه الكثيرين تحليق الزنانات في سماء غزة بشكل مكثف منذ عدة أيام، وتأخذ نصيبها من الشتائم والتعليقات، يأخذ البعض الآخر الأمر على سبيل الفكاهة والسخرية.

غربان في السماء

وبكلمات مازحة، يقول الشاب علي أبو شرار موجها حديثه لـ”الزنانة”:” حلي عن سمانا، ملكيش أهل يسألوا عليكي”، ويطلق ضحكات مطولة برفقة أصدقائه الذين بجانبه، فيما ييوجه أبو عمر شلدان حديثه مازحا هو الآخر:” حالفة يمين ما تروح ولا تنزل وتصدع روسنا”.

المواطن يوسف القريناوي يرى أن وجود هذه الطائرات في الأجواء بات روتين يومي قاتل، يحرم الكبار والصغار لذة النوم بهدوء، فهي لا تفعل سوى الضجيج و”الزن” بشكل غريب ومخيف وكأن الأجواء “أجواء حرب”.

 وتُصدر “الزنانات” صوتا ينخفض تارة ويرتفع تارات أخرى، الأمر الذي يزعج الأربعينية أم بشار حميد، حيث تقول لـ”الرأي”:” أخشى ما أخشاه أن تكون هذه الطائرات تبحث عن صيد ثمين، وقتها سندخل في دوامة أخرى”، معربة عن أملها أن تذهب تلك الغربان التي تحوم في السماء بشكل كبير دون رجعة.

ولعبت طائرات الاستطلاع الإسرائيلية دوراً مهماً خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة صيف 2014، وفي عدوان مايو 2021 خلال عمليات الرصد والقصف، وأسفرت عن استشهد المئات من المواطنين والمقاومين.

تحديات صنعتها المقاومة

من جهته، يرى الخبير في الشأن الإسرائيلي أيمن الرفاتي، أن حركة الطيران التي تحوم في سماء قطاع غزة بشكل مكثف، ليس سببها تنفيذ خطة تنوفا على وجه التحديد.

ويقول الرفاتي في حديث لـ”الرأي”:” ما يجري هو زيادة في جمع المعلومات الاستخبارية ومراقبة عناصر المقاومة الفاعلة لتعبئة بنك الأهداف من جديد ليشمل أهدافاً نوعية، هذا من ناحية ومن ناحية ثانية لا يمكن تأكيد أو نفي وجود عمل استخباري للعدو على الأرض داخل قطاع غزة يستهدف مقدرات المقاومة بما في ذلك شبكة الاتصالات الخاصة، والقدرات الصاروخية، وأماكن السيطرة والتحكم”.

ويضيف:” ربما يأتي هذا التحرك من قبل العدو بهذا الشكل كنوع من العمل الاستباقي لمواجهة أية مفاجئات تحدث، في ضوء تقدير الاحتلال ارتفاع مستوى المفاجئة في القرارات لدى قيادة المقاومة في قطاع غزة تجاه اتخاذ قرارات مصيرية غير متوقعة، وعليه يمكن تفسير ما يجري بأنه ضمن الاستعدادات المتواصلة التي يقوم بها الاحتلال بمستوياته الأمنية والعسكرية والسياسية للتعامل مع هذا المتغير الخطير”.

“”ولعل الخطر الكبير الذي استشعر به الاحتلال خلال معركة سيف القدس في مايو/ أيار الماضي، وعدم قدرة جميع المستويات لديه على التنبؤ بردة فعل المقاومة، وتقدير الموقف السليم حول توجهات قيادته، بات يمثل تحدياً حقيقياً أمامه يستوجب التعامل معه والاستعداد الدائم له”، يقول الرفاتي.”

 ووفق ما ذكره، فإنه وضمن دروس معركة سيف القدس، يبدو أن الاحتلال تنبه إلى القدرات العسكرية التي يتم تصنيعها محليا في قطاع غزة، وخاصة فيما يتعلق بالصواريخ والطائرات المسيرة وبات يعتبرها تهديداً كبيراً، ما دفعه للتركيز ومحاولة جمع معلومات حولها لتصبح أحد الأهداف الملحة.

ويؤكد أن الاحتلال بعد عمله القوي لقطع خطوط الامداد عن قطاع غزة، وقدرة المقاومة الفلسطينية على مفاجئته بتقدم كبير على مستوى التصنيع المحلي كماً ونوعاً، بما يفوق قدرات الأسلحة التي تصل من الخارج، بات تركيز العدو لصنع مشكلات وتحديات أمام هذه الصناعات لتأخيرها أو إعاقة عملها، أو الحد من إنتاجها بحيث لا تستطيع المقاومة تنفيذ عمليات إطلاق مكثفة، كما حدث في سيف القدس التي مثلت تحدياً حقيقياً للجبهة الداخلية، ومنظومات الدفاع ضد الصواريخ لدى الاحتلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى