اخبار دولية

اغنية “عصفورنا بيحلم على ضو القمر” رسالة الاسيرة ميس لعائلتها في عيد الفطر

بأغنية حنين فلسطينية، بدأت الأسيرة في سجون الاحتلال الإسرائيلي ميس أبو غوش رسالة لعائلتها في عيد الفطر: “عصفورنا بيحلم على ضو القمر.. بس القمر لملم حنين وشوق”.

ثم نقلت لهم مشهدا في وقت مبكّر من أيام السجن: “عندما يكون الطقس جميلا، في ساعات الفجر الأولى، تأتي عصافير من قمة جبل الكرمل إلى ساحة السجن وتلهو في الممرات بين غرف الأسيرات. أجهل نوعها واسمها ولكن صوتها يبشّر بفجر حرية قادم.. أحيانا أقترب من باب الغرفة وأمرر لها الخبز عبر الشبك.. أحسدها على حريتها”.

عصافير الأمل

العصافير، هي الكائن الوحيد الذي تستطيع ميس وزميلاتها رؤيته وسط حديد وجدران سجن الدامون للأسيرات الفلسطينيات قرب حيفا شمال فلسطين المحتلة.

تخاطب ميس -المعتقلة منذ تسعة شهور- الطيور وتحلم أن تتبادل معها الأدوار، وتكتب: “لو أنكِ تعلمين ما هو ذنبنا، لمنحتنا جناحيك وقلتِ اذهبوا نحو البلاد ونحو من تحبون”.

إنها رسالة ميس الثالثة لعائلتها منذ اعتقالها في أغسطس/آب الماضي ثم الحكم عليها بالسجن 16 شهرا، وبعد أن مرت بتجربة قاسية من التعذيب الجسدي العنيف لأكثر من ثلاثين يوما، منعت خلالها من لقاء محاميها.

عرفت ميس أن أخبار تدهور وضعها الصحي وإصابتها بأوجاع مزمنة بسبب التعذيب وصلت عائلتها، فكتبت: “بما أنكم علمتم، أعاني من أوجاع في العمود الفقري واليدين والرأس.. أشعر أحيانا بالكهرباء تجتاح الجهة اليسرى من رأسي”، وتضيف أنها بحاجة إلى فحوص طبية وتطلب نقلها إلى المستشفى بأقرب وقت.

منذ مارس/آذار الماضي، عوقبت ميس أبو غوش من مخيم قلنديا والأسيرتان البرلمانية خالدة جرار من رام الله وإيناس عصافرة من الخليل، بمنعهن من اتصال هاتفي كان قد أتيح مرة واحدة للأسيرات الفلسطينيات، بعد أن توقفت زيارات عائلاتهن بسبب جائحة كورونا.

تقول ميس: “كنت أنتظر مهاتفتكم بشكل مباشر.. لكنني لم ولن أشعر بحزن كالذي شعرته عندما حُرمت منها”.

والدة الأسيرة ميس أبو غوش تحمل صورة لها في فعالية للمطالبة بالإفراج عن الأسرى

معمول العيد

الأسيرة المقدسية شروق دويات، المعتقلة منذ صيف 2015 بعد أن أطلق عليها مستوطن إسرائيلي النار قرب المسجد الأقصى فأصابها في الصدر والكتف واليد، تكتب لعائلتها عن مشاركتها في صنع “معمول العيد في السجن”.

أدت إصابة الفتاة إلى قطع شريان رئيس في يدها، وحكم عليها بالسجن 16 عاما. رغم ذلك تروي لعائلتها عن إعداد كعك العيد (المعمول) مما توفر من مواد غذائية، وأنه سيتاح لهن أداء صلاة العيد في ساحة السجن، ثم التجمع في غرفهن لشرب القهوة وأكل الحلوى. وتعلّق: “بدنا نبسط البنات شوية، لأن بينهن مَن يمر عليها العيد لأول مرة في السجن.. وفي أمهات يفتقدن أبناءهن”.

وتختم رسالتها القصيرة “الله يجعله آخر عيد واحنا بعاد عنكم.. أنا قوية بقوتكم”.

مصابات وأمهات

شروق وميس فتاتان من بين 39 أسيرة فلسطينية يقبعن في سجن الدامون الإسرائيلي، ومن بين هؤلاء سبع مصابات بالرصاص منذ اعتقالهن قبل سنوات، و16 أمّا يقضين العيد بعيدا عن أطفالهن، ومحرومات من زيارتهم أو التواصل الهاتفي معهم.

الأسيرة إيناس عصافرة (25 عاما) من محافظة الخليل، أمّ لمحمد وعبد الرحمن (خمس وأربع سنوات)، وزوجة لقاسم عصافرة المعتقل في سجون الاحتلال أيضا.

في رسالتها تُقسّم إيناس أشواقها وحنينها بين أطفالها وأشقائها ووالدتها، وبين زوجها وعائلته. وتخبرهم أنها اعتصمت لوقت طويل في ساحة السجن من أجل السماح لها بالاتصال، لكن دون جدوى.

تطلب منهم الاستماع لأنشودة “حنين الاشتياق”، وترسل سلاما لزوجها المعتقل في سجن آخر، وترجو أن يسمعوها أصواتهم وأصوات أطفالها عبر البرامج الإذاعية المخصصة للأسرى، ثم تزيد السلام حرارة لعمتها “حماتها” التي تكفلت برعاية أطفالها في غياب والديهم بالتناوب مع والدتها.

تحدثت إيناس -التي هدم الاحتلال منزلها أيضا بعد اعتقالها وزوجها في أغسطس/آب 2019- عن أجواء شهر رمضان في السجن، حيث استطاعت ختم القرآن أربع مرات. وفي نهاية الرسالة، كتبت لزوجها الأسير المهدد بالسجن المؤبد: “لا أعرف كيف سيكون العيد بدونك وبلا الأولاد.. لكن أنت معي في كل وقت وحين”.

معاناة الأسيرة الفلسطينية إسراء الجعابيص

أمنيات

كلمات ميس وشروق وإيناس جاءت ضمن عشرين رسالة نقلتها الأسيرة الفلسطينية شذى حسن لعائلات الأسيرات بعد الإفراج عنها قبل العيد بأيام قليلة، وخضعت لرقابة وتدقيق الاحتلال قبل إخراجها.

ويتاح للأسرى والأسيرات الفلسطينيين إرسال رسائل خطية لعائلاتهم عن طريق الصليب الأحمر، لكنها تتأخر شهورا بسبب قلة زيارات الصليب الأحمر وطول إجراءات نقلها.

تقول شذى التي أمضت ستة أشهر في الاعتقال منذ ديسمبر/كانون الثاني الماضي، إن كل الرسائل حملت أمنيات بأن يفرج عنهن قبل العيد القادم في صفقة تبادل بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال.

وتذكر أصعب حالات الأسيرات في قصة إيناس عصافرة التي كان طفلاها -على صغرهما- يتناوبان زيارتها مع والدهما الأسير في سجن آخر، وقالت لشذى يوما: “أفكر إن كان أطفالي سيتقبلونني عند خروجي من السجن.. أين سأعيش وكيف، بعد أن هدموا كل ذكريات عائلتي بهدم منزلي واعتقال زوجي”.

بينما تمنّت الأسيرة المصابة بحروق شديدة منذ اعتقالها إسراء جعابيص (34 عاما) أن لا يكبر طفلها معتصم قبل الإفراج عنها بعد خمس سنوات، فقالت له: “أريد أن يبقى وجهك طفلا وألا تغدو رجلا قبل خروجي من السجن”.

تضيف شذى أن “رسائلهن تحاول إخفاء واقع السجن المرير كي يبددن قلق عائلاتهن.. لكن ميس التي كتبت عن العصافير وأغاني الحرية وتنقلت يوميا بين غرف الأسيرات بهمّة وعزيمة، لا تنام إلا بتناول المسكنات لتهدئة أوجاعها، وشروق التي أخبرتنا عن معمول السجن لا يزال الرصاص يسكن جسدها”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى